أخر الاخبار

الاشهار التجاري ( الاطار التنظيمي مابين التحديات وآليات النهوض )

 

Commercial
تنويه : تمت المشاركة بهذا البحث من د. هشام منصان ضمن اعمال المؤتمر السنوى الذي نظمته احد الجامعات العربية وتم نشرة بالدوريات العلمية في عام 2015

الملخص :

لقد اصبح الاشهار التجاري من اهم الموضوعات التي تفرض نفسها بقوه علي مجتمعنا العربي من حيث الاثار الخطيرة المترتبة عليه في كافه النواحي الاجتماعية والاقتصادية ، وبرغم ما يمثله موضوع الاشهار التجاري من اهمية ، الا انه من الملاحظ انه لم يلقي العناية الكافية من قبل الدولة سواء من الناحية التنظيمية او الناحية التطبيقية ، الامر الذي يدعونا الي البحث عن اليات من شأنها تفعيل الجوانب الايجابية للإشهار التجاري وتقليص الاضرار الناجمة عنه بغرض تحقيق اكبر قدر من الحماية للمستهلك .
It has become the commercial publicity of the most important topics that imposes itself firmly on the Arab society, in terms of serious consequential effects in all social and economic aspects, and despite what is represented by the subject of the commercial publicity of importance, but it is noticeable that he did not deliver adequate care by the state, both of Organizationally, or in practice, which invites us to search for mechanisms that activate the positive aspects of commercial publicity and reduce the damage caused by the aim of achieving greater protection for the consumer.

تمهيد

الاشهار التجاري ، ذلك الموضوع الشائك الذي يبدوا في ظاهره بسيط ، الا انه في غاية التعقيد ، ذلك انه في حقيقة الامر ذو أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونيه بل في بعض الاحيان سياسيه واستراتيجية .
والاشهار التجاري في حقيقة الامر لا ينبغي ان يكون محل اهتمام الاقتصاديين والقانونيين فقط بل علماء النفس والاجتماع والاعلام ايضا .
ذلك ان للإشهار التجاري اثار اجتماعية و اقتصاديه في غاية الاهمية منها السلبي ومنها الايجابي ، علاوة علي ذلك فإن للإشهار التجاري العديد من المميزات اذكر منها :
- ان الإشهار من شانه ان يوصل السلعة او الخدمة في نفس الوقت إلى المشترين الذين يقيمون بعيدا .
- إن الطابع العام للإشهار يوضح للمشتري أن السلعة او الخدمة لا تتناقض مع القوانين والقواعد العامة.
- يتيح الإشهار للمرسل أن يكرر الرسالة لأكثر من مرة ، وأما المتلقي يتيح له الإشهار أن يحصل على الرسائل الإشهارية من مختلف الشركات ويقوم بالمقارنة فيما بينهما.
- قدرة الإشهار على التعبير الجيد عن الشركة بواسطة النص والصوت والصورة كما يهدف الإشهار إلى خلق نمط طويل الأمد وثابت للسلعة أيضا ، وفي الوقت ذاته يشجع على التصرف السريع .
ورغم كل تلك المميزات الا ان للإشهار التجاري العديد من السلبيات من اهمها :
- انه على الرغم من أن الإشهار من شانه ان يوصل السلعة او الخدمة بسرعة إلى الملايين من المتلقين فهو مجهول الهوية لذا لا يحظى بالثقة الخاصة بالبائع.
- ان الاشهار التجاري اصبح ذو تكلفة كبيرة لا سيما الإشهار التلفزيوني.
وبجانب كل ما ذكر من ايجابيات وسلبيات العديد من الاثار التي لا يسع الوقت لذكرها ، الا انه وفي سبيل رصد دقيق لمنظومة الاشهار التجاري بغرض تطويرها و تعظيم دورها الايجابي لا سيما في مجتمعنا العربي ، فإنني ومن وجهة نظري يجب ان نقوم برصد واقع الاشهار التجاري من كافه النواحي ثم وضع تصور للآليات التي يمكن من خلالها النهوض بمنظومة الاشهار التجاري .

(1) أهمية الدراسة :

تكمن اهمية الدراسة في كونها تحاول التركيز علي ابرز النقاط المتعلقة بالإشهار التجاري ، لاسيما بعد ان تعاظم دوره منذ سنوات وما زال ، وبحيث اصبح مؤثر وبشكل قوي علي نواحي شتي متعلقة بالمواطن ، اجتماعية واقتصادية بل والسياسية ايضا .

(2) أهداف الدراسة :

تهدف الدراسة وبشكل مُركز الي رصد واقع الاشهار التجاري لاسيما في مجتمعنا العربي بعد ان تعاظم دوره في ظل ثوره في عالم الاتصالات والتواصل وعبر العديد من القنوات المرئية والمسموعة ، وبعد اصبح من الواضح ذلك الدور الكبير الذي يلعبه الاشهار التجاري في نواحي مختلفة لم عد قاصره فقط علي النواحي الاقتصادية ولم تعد مسالة بيع سلعه والاشهار عنها ، وانما التجربة العملية اثبتت ان هناك اثار في غاية الخطورة علي مجتمعنا العربي .
ورغم ان الموضوع كبير جدا ويحتاج الي دراسات متعمقة في نواحي شتي كما سلف الاشارة فإنني ومن خلال هذا البحث حاولت ان ابرز بعض النقاط الهامة بغرض النهوض بمنظومة الاشهار التجاري وتعظيم الفائدة منه

المبحث الاول : الملامح الاساسية لمنظومة الاشهار التجاري وانعكاساته علي المجتمع

تطور مفهوم الاشهار التجاري بشكل ملحوظ نظرا لتطور العوامل المؤثرة عليه ومدي تأثيره في غيره من الانظمة الاخري ، ورغم ان الدراسة المقدمة تهدف الي رصد التحديات التي تواجه الاشهار التجاري بغرض النهوض به فان الامر يتطلب ولو بشكل سريع تناول تلك المفاهيم والتعريفات التي حددت المقصود بالإشهار التجاري .

اولا : المقصود بالإشهار التجاري

اختلفت التعريفات ما بين التوسع والتضييق ووفقا لطبيعة وحجم العمل الاشهاري ومدي تأثيره علي المجتمع ومن ابرز تلك التعريفات :
ان الاشهار هو "وسيلة غير شخصيةٌ لتقديم الأفكار أو السلع والخدمات بواسطة معلومة ومقابل اجر مدفوع" . (([1]
كما قال البعض بان الاشهار التجاري يعني " مختلف نواحي النشاط التي تؤدي إلى نشر أو إذاعة الرسائل الإعلانية المرئية أو المسموعة على الجمهور لغرض حثه على شراء سلع أو خدمات أو بغرض توجيهه من أجل التقبل الطيب لأفكار الأشخاص أو المؤسسات المعلن عنها ([2])
كما عرفه البعض علي انه " الوسيلة المدفوعة لخلق حالة من رضا النفس لدى الجماهير بغرض بيع أو المساعدة على بيع سلعة أو خدمة معينه أو كسب موافقة هذا الجمهور على قبول فكرة معينه أو توجيهه وجهة معينه " ([3])

· مفهوم الاشهار التجاري في القانون المصري

عرف النظام المصري الاشهار التجاري في وقت مبكر حيث وضع تشريع ينظم الإشهار التجاري من خلال حزمه من التشريعات التي صدرت في عام 1956 م ، تناولت مواد منها موضوع الاشهار ، بل انه اختص بتشريع خاص بالإشهار التجاري ([4])
ونظرا لصدور القانون في وقت مبكر قارب من السته عقود ، لم تكن الحياه اكثر تعقيدا مما هو الان ، ولم يشهد الثورة التكنولوجية التي اثرت بشكل جزري في العديد من المفاهيم والقواعد في مجال الاشهار التجاري .
الملاحظ ان المفاهيم التي اعتمد عليها المشرع المصري في تحديد المقصود بالإشهار التجاري لم تعد كافيه لتحديده علي وجه الدقة ، فنجده يحدد ان المقصود به " أية وسيلة أو تركيبه أو لوحة صنعت من الخشب أو المعدن أو الورق أو القماش أو البلاستيك أو الزجاج أو أية مادة أخرى، وتكون معدة للعرض أو النشر بقصد الإعلان بحيث تشاهد من الطريق أو خارج وسائل النقل العام " ([5])
وان كان هذا المفهوم اصبح غير دقيق وغير جامع لمفهوم الاشهار التجاري فإنني ارجع هذا للفترة الزمنية التي صدر في ظلها القانون مما يجعلها مفاهيم غير جامعه لمفهوم الاشهار التجاري .

ثانيا : انعكاسات الاشهار التجاري علي المجتمع

اذا كان الهدف الاساسي من الاشهار التجاري هو اقناع الجمهور بسلعه او خدمه معينه بغرض بيعها ، فان القائم بالإشهار وهو في سبيل تحقيق هذا يلجا الي العديد من الدراسات التي تدرس العديد من النواحي وبالأخص تلك النواحي الاجتماعية والاقتصادية ، وذلك بغرض ان يحقق الاشهار التجاري اكبر غايه منه ، وبالتالي فان الاشهار يتأثر ويؤثر في المجتمع بشكل قوي وفعال ، وعليه فإنني سوف استعرض هنا وبشكل مختصر اهم الاثار الاجتماعية والاقتصادية للإشهار التجاري .
ويمكن تحديد اهم تلك الاثار التي تنجم عن الاشهار التجاري في الاتي :

أ‌- الانعكاسات الاجتماعية للإشهار التجاري

يعتمد الاشهار التجاري بالأساس علي التأثير بالمجتمع ، بل يقاس نجاح او فشل الاشهار التجاري بمدي قدرته علي احداث تأثيرات مباشره وفعاله علي المجتمع بحيث يجعله اكثر رغبه واقبال علي سلعه او خدمه معينه ، وفي سبيل تحقيق هذا التأثير الفعال والمباشر فإن كل الوسائل والطرق متاحه وممكنه حتي وان كانت تتنافي مع الاخلاق والعادات والتقاليد المجتمعية ، لاسيما في مجتمعنا العربي ، ومن اهم تلك الاثار المجتمعية للإشهار التجاري :
· للإشهار قدرة توعوية وتعليمية فائقة : اذ يؤثر على أفكار الناس ويزيد من ثقافتهم ، فهو يقوم بإقناع الناس بشراء سلع أو خدمات معينة بحجج مقنعة ، وهذا الامر يبرز مدي خطورة الاشهار التجاري في حاله ما اذا كان الاشهار كاذب او ينطوي علي غش او يحمل افكار ومبادئ لا تتوافق مع المجتمع وضد قيمه .
· يعد الإشهار وسيلة لترويج المبادئ الاجتماعية والسياسية : يستخدم الإشهار أيضا كوسيلة لترويج المبادئ والأفكار السياسة والاجتماعية بين أفراد المجتمع ، وفي وجهة نظري ان هذا الانعكاس من اخطر الانعكاسات اذا يمكن ان يؤثر الاشهار بشكل مباشر علي المجتمع من خلال بث افكار وعادات لا تتوافق مع المجتمع ويكون لا اثار سلبية خاص علي النشأ الجديد .
· الإشهار ييسر حياة الأفراد : فالقيام بالنشاطات الاشهارية على جانب كبير من الأهمية فبواسطته يتم إعلام المستهلكين بالسلع والخدمات التي يحتاجونها ، وبالتالي فهو يوفر عليهم الجهد والوقت في البحث الذي قد يضيع بسب صعوبة المقارنة بين أسعار ما يعرض من سلع وخدمات .
· ان الإشهار يغرس عند الأفراد حاجات عديدة ويجعل من الفرد شخصيه استهلاكية : وذلك نتيجة الاستغلال المتطور للسلع والخدمات المعلن عنها تنشا عند الأفراد عادات جديدة تزداد رسوخا كلما زاد تكرار الاستعمال .

ب‌- الانعكاسات الاقتصادية للإشهار التجاري

للإشهار التجاري انعكاسات اقتصادية في اية الخطورة سواء من النحية الايجابية ام السلبية ومن اهم تلك الانعكاسات:
· ان الإشهار يؤثر على الطلب : حيث يجعل الطلب على السلعة مرنا ، فزيادة عدد المشترين للسلعة وتوسيع سوق توزيعها ، يؤدي إلى إمكانية خلق علاقات خاصة مميزة لسلعة تباع بأسعار منخفضة .
كما ان الاشهار يساعد على زيادة سرعة الميل العام للطلب إلى الارتفاع وذلك بالنسبة للكثير من السلع والخدمات .
· أن الاشهار يؤثر على تكاليف الإنتاج : ذلك ان المؤسسات الصغيرة التي تستخدم الإشهار غالبا ما تحقق انخفاض في تكاليف إنتاجها فيعادل الانخفاض الذي تحققه المؤسسات الكبيرة .
كما يساعد الإشهار في بعض الصناعات على تحقيق الإنتاج الكبير وهذا ما يؤدي إلى تخفيض تكاليف الإنتاج بصفة عامة .
· ان الاشهار يساعد على جودة السلعة وأنواعها : يساعد الإشهار بطريقة غير مباشرة على تحسين جودة السلع حتى يستطيع المعلن استعمال مزاياها في إغراء المستهلك وإثارة الطلب على المنتجات ، الا انه وفي ذات الوقت يمكن ان يساهم الاشهار في عمليات الغش التي فد يتعرض اليها المستهلك .
القيام بالإشهار وتحسين جودة السلع و المنافسة يؤدي إلى ظهور سلع جديدة في السوق .
· ان الإشهار يوثر على الاستثمار و الدخل القومي: فمن شأن الاشهار ان يساعد على تنشيط حاجات المجتمع فأصبحت كماليات الأمس ضروريات اليوم ، وهذا ما أدى إلى وجود تحسينات في المجتمع الاقتصادي بما نتج عنه زيادة في الميل إلى استثمار وبالتالي زيادة الدخل القومي .
كما ان الإشهار ساعد المنتجين علي تحقيق الأرباح المرغوبة ، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار وهو ما يؤدي إلى زيادة العمالة والدخل الفردي والدخل القومي .

المبحث الثاني : التحديات التي تواجه منظومة الاشهار التجاري وآليات النهوض بها

اصبح واضحا للعيان ان هناك ثمة تحديات كبيره تواجه منظومة الاشهار لا سيما في مجتمعنا العربي ، الامر الذي يدعونا جميعا لبحث كافة السبل التي يمكننا من خلالها تعظيم الدور الايجابي للإشهار التجاري وتقليص ما ينتج عنه من سلبيات ، اذ ان الامر لم يعد مجرد الاشهار عن سلعه او خدمه ، بل ان الامر ومن وجهة نظري اصبح جد خطير بالنظر الي انعكاسات الاشهار التجاري السالف ذكرها .
وعليه فإنني وفي هذا المبحث سأحاول بشكل موجز ان استعرض اهم التحديات التي تواجه الاشهار التجاري ثم عقب ذلك اقتراح بعض الاليات التي من شأنها النهوض بمنظومة الاشهار التجاري في مجتمعنا العربي .

اولا : التحديات التي تواجه منظومة الاشهار التجاري

التحديات التي تواجهه منظومة الاشهار التجاري كثيره ومتداخلة وناتجة عن عده عوامل منها ما هو متعلق بالعمل الاشهاري والقائم به ومنها ما هو متعلق بالدولة ومدي قدرتها علي إحكام الرقابة علي الممارسات الضارة اتي تمارس بواسطة العمل الاشهاري ، الا انني وبشكل موجز سأحاول ذكر اهم تلك التحديات التي أفرزتها التجربة العملية لا سيما التجربة المصرية ، وسأختصر تلك التحديات نظرا لضيق الوقت في الاتي :

أ‌- عدم وجود خريطة واضحه لمنظومة الاشهار التجاري

المتتبع لمنظومة الاشهار التجاري في عالمنا العربي لا سيما في مصر سوف يكتشف انه لا توجد خريطة واضحه لتنظيم الاشهار التجاري ، فمن الناحية القانونيه نجد ان المسائل القانونية المنظمة للإشهار التجاري مبعثره في نصوص متفرقه ، وان القانون الذي اصدر بهذا الشأن قد فقد صلاحيته الزمنية ، كما اننا نجد ان المسؤولية عن اضرار الاشهار التجاري غير محددة المعالم وموزعه بين اطراف مختلفة ، مما يجعل المواطن في نهاية المطاف ضحية .
علاوة علي هذا فانه من الناحية العملية لا نري في الافق سياسه واضحه لإصلاح منظمة الإشهار التجاري ، بل ولم تتبني الدولة حتي الان مبادرة حقيقيه بغية تفعيل الدور الايجابي للإشهار التجاري .

ب‌- ظاهرة الاشهار التجاري العشوائية عن طريق المواقع الإلكترونية .

من اهم تلك التحديات التي تواجه منظومة الاشهار التجاري انتشار المواقع الالكترونية التي تستخدم الاعلانات للترويج عن السلع والخدمات دون اي مراجعات تفيد الجدية او صلاحية المنتج او حصول الخدمة او السلعة علي ترخيص من الجهات المعنية .
بل وتعدي الامر بحيث اصبحنا نجد موقع بأكملها قائمه علي الاعلانات لسلع وخدمات مجهولة المصدر ، نجدها تطاردنا في جميع المواقع ، دون مراعاه لأي قواعد او تراخيص او اجراءات منظمة .

ت‌- فوضي الاعلانات

لم يعد الاشهار التجاري مجرد اشهار عن سلعه او خدمه ، بل تحول الامر الي فوضي ، بل منتهي الفوضى في مجتمعنا العربي لاسيما المجتمع المصري ، ولقد تعددت اشكال الفوضى وتنوعت اشكالها لتشمل :
- فوضي استخدام الطريق فنجد العديد من الاعلانات تفتقد نظم الأمان من حيث أماكن اللافتات وعددها ومقاساتها . ([6])
ولم يقتصر الامر علي هذا بل اصبحنا نعاني من عشوائية اللوحات الاعلانية والملصقات التي تسبب تلوثا بصريا شديدا يتمثل في غياب التوحيد والانسجام وتداخل الإعلانات التجارية والاحتفالية والإرشادية وفوضي ميادين القاهرة حيث توجد في بعض منها شاشات اعلامية ديجيتال تساهم ايضا في تشتيت سائقي السيارات وبالتالي فقدان الرسالة الإعلامية الخبرية مما يسبب فوضي وتلوثا بصريا وتشويها للوجه الجمالي للمدينة.
- فوضي الاعلانات التي تنتهك الأرصفة من خلال اللافتات التي توضع علي الارصفة الوسطي في معظم الاحياء .
- فوضي اعلانات العلاج الوهمي من خلال الأدوية التي يتم الاعلان عنها في القنوات الفضائية دون ترخيص من وزاره الصحة ([7])
اذ ان تلك القنوات الفضائية تسعي لتحقيق بعض الأرباح الصغيرة علي حساب صحة ووعي الناس فأصبح الاعلان عن هذه السلع ساحة للدجل فهذه القنوات تسمح لبعض الدجالين الطبيين بممارسة الطب.
- فوضي الاعلانات والبرامج الاعلانية التي تعتمد علي اتصال الفرد بالتليفون تلك الاعلانات المتاجرة بأحلام البسطاء والهادفة الي اغراء البسطاء بالاتصال تليفونيا من اجل مداعبة حلم الثراء .
- فوضي اخلاقية من خلال تلك الاعلانات التي تستعمل مفردات وألفاظا غير أخلاقية والتي تؤدي الي نمو قاموس لغوي لدي الاطفال والمراهقين. ([8])

ثانياً : آليات النهوض بمنظومه الاشهار التجاري

ان المتتبع لتك التحديات التي تواجه منظومه الاشهار التجاري والمشكلات الكبيرة التي تواجهه والتي كان لها اثار كبيره انعكست سلبا علي المجتمع في نواحي شتي ، ارجعها لأسباب من اهمها عدم قدره التشريع علي مواكبه التقدم الذي شهده العالم في ظل السماوات المفتوحة وثوره الاتصالات التي جعلت العالم كالقرية الصغيرة ، وعليه فإنني اري ان دور الدولة فيما يتعلق بالنهوض بمنظومه الاشهار يجب ان تقوم بالأساس علي محورين اساسيين .

أ‌- الآليات التشريعية

لقد اصبح من المؤكد ان التشريع القائم حاليا لم يعد مناسبا لضبط منظومه الاشهار التجاري ، بفعل الثورة التكنولوجية الهائلة وتعاظم دور الاشهار التجاري بحيث خرج الامر من كونه مجرد اشهار عن سلع او خدمات معينه الي ما هو اكبر عمقا واقوي تأثيرا في نواحي خطيره اخري في اعتقادي الشخصي .
وعليه فانه ينبغي ان يعاد صياغه قانون جديد لضبط منظومه الاشهار التجاري بالشكل الذي يتناسب مع الاليات الجديدة والمستحدثة لوسائل الاشهار التجاري .

1- اصدار تشريع ملائم لطبيعة الاشهار التجاري .

حيث اصبح من الضروري الاسراع في اصدار تشريع ملائم للإشهار التجاري ، كما انه حال الشروع في اصدار قانون لتنظيم الاشهار التجاري فانه ينبغي ان يراعي فيه عدد من النقاط اوجزها في الاتي :
- انه ينبغي ان تشكل لجان أستماع واخذ الراي من علماء متخصصين في القانون والاقتصاد ولاجتماع والاعلام وذلك لوضع دراسات مستفيضه يراعي بها جميع النواحي والاثار المترتبة علي الاشهار التجاري .
- ان يراعي التشريع الاساليب المستحدثة في ظل ما يشهده العالم من ثوره تكنولوجيه هائلة في مجالا الاتصالات والاقمار الصناعية وشبكة الانترنت .
- ان يراعي القانون طبيعة العمل الاشهاري من حيث استخدامه لتقنيات عالية يصعب معها في بعض الاحيان تحديد المسؤولية في حالات الغش والتدليس .

2- ابرام اتفاقيات دولية بشأن تنظيم الاشهار التجاري

حيث تقوم الدول فيما بينها بعمل اتفاقيات تنظم مسائل التعاون الدولي فيما يتعلق بالإشهار التجاري ، وذلك لإحكام السيطرة علي الممارسات الضارة التي يمارسها بعض العامين في مجال الاشهار التجاري ، والتي يكون لها انعكاسات ضاره علي المجتمعات المختلفة ، وتبرز اهمية مثل هذه الاتفاقيات ايضا بالنظر الي ما نشهده من قنوات فضائية منتشرة حول العالم وكذا مواقع علي شبكة الانترنت تبث كافه انواع الاعلانات دون رقيب ، وبما تحمله من اضرار جسيمه علي سلامه مجتمعنا .

ب‌- تفعيل آليات الضبط والرقابة في مجال الاشهار التجاري .

لن يكون هناك نظم فعال الا اذا كان من ضمن مقوماته تلك الرقابة الفعالة التي تهدف في المقام الاول الي ضبط النظام بما يتوافق وظروف المجتمع ومتطلباته ، ولقد عانينا الكثير جراء غياب تلك الرقابة التي ادت الي فوضي عارمه في مجال الاشهار التجاري والتي القت ظلالها علي كل نواحي الحياه ، في الشارع وداخل البيت وفي كافه مؤسسات الدولة ، بل لا ابالغ ان قلت بأن الاعلانات اصبحت تطاردنا حتي داخل الغرف المغلقة .
وعلي هذا فإنني اجد انه وان كنا نبحث حول ايجاد اليات ناجزه لنهوض بمنظومه الاشهار التجاري فانه ينبغي البحث ايضا عن اليات للرقابة والضبط ، وعليه فإنني اري ان تلك الرقابة لابد وان تكون من قبل الدولة والمجتمع المدني في ذات الوقت .

1- تفعيل دور الدولة في مجال الضبط والرقابة علي منظومة الاشهار التجاري

ان نجاح اي تنظيم قانوني مقترن بالقدر الذي توليه الدولة من رعاية واهتمام ومدي ما تحققه من ضمانات ورقابه في نفس الوقت ، وحينما نذكر الرقابة واليت الضبط الاداري للإشهار التجاري فإن هذا لا يعني انها ليست موجوده ظل التنظيم القائم ، فموكد انها موجوده ولكن من الموكد ايضا انها ليست فعاله ربما لبعض العيوب التشريعية التي يجب ان يعالجها المشرع .
وتطبيقا علي جمهورية مصر العربية فإننا نجد ان الدولة وفي سيلها لتطبيق اليات الضبط فانه تقوم به من خلال عدد من الجهات اهمها جهاز حماية المستهلك([9]) .

2- تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة علي الممارسات الضارة للإشهار التجاري

من الموكد ان الدولة مهما بلغت من قوه في مجال الضبط الاداري ، فإنها لن تجح في تحقيق اهدافها الا بمعاونة منظمات المجتمع المدني ، لا سيما التي تهدف الي حماية المستهلك من الممارسات الضارة والغش والتدليس التي قد يقع فيه من بعض الممارسين للعمل الاشهاري .
ويكون دور منظمات المجتمع المدني فعالا كلما كان اكثر قربا من المواطن ، ولكن لن تكون فاعليته بالدرجة المرجوة الا اذا اعطيت لتلك المنظمات آليه يمكن من خلالها ممارسه الدور الرقابي واتخاذ اجراءات من شأنه مكافحه اي اضرار ناجمه عن ممارسات اشهاريه ضاره .
وتطبيقا علي جمهورية مصر العربية ، فلقد اعتمد المشرع المصري علي منظمات المجتمع المدني في مسائل متعددة في مجال حمايه المستهلك ومن اهمها الرقابة علي الاسواق وتقديم الإرشادات التي تساعد المستهلك عل التعرف علي حقوقه وكيفيه المحافظة عليها وكذلك تقديم الدعم اللازم في حاله الضرورة .
اما عن الشكل القانوني لتلك المنظمات ، فنجد ان القانون المصري اعتمد علي الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات المشهرة وفقاً للقانون والمعنية بحماية المستهلك ، علما بان تلك الجمعيات في مصر وفقا لما نشره جهاز حمايه المستهلك واحد واربعون جمعيه اهليه عامله في هذا المجال .

الخاتمة والتوصيات

واخير وبعد هذا العرض المُركز لموضوع الاشهار التجاري وما يواجهه من تحديات كان لها انعكاسات علي المجتمع في نواحي شتي اكون قد توصلت الي عدد من نتائج اختصراها في ان الاشهار التجاري يعاني من تحديات كثيره من اهمها :
- عدم وجود خريطة واضحه لمنظومة الاشهار التجاري .
- ظاهرة الاشهار التجاري العشوائية عن طريق مواقع الانترنت .
- فوضي الاعلانات التي شهدها المجتمع من استخدام سيء للطريق او تلك الاعلانات التي احتلت الأرصفة ، او فوضي اعلانات العلاج الوهمي .
وعليه فان الدراسة المقدمة قد خرجت بعدد من التوصيات بغرض الاسهام بالنهوض بمنظومة الاشهار التجاري ومن تهم تلك التوصيات :
· النهوض بالناحية التشريعية بغرض تحقيق انضباط اكبر لمنظومة الاشهار التجاري ، وان هذا الامر سوف يتحقق من خلال امرين

- الاول : هو اصدار تشريع منظم للإشهار التجاري بعد ان يتم تقديم وابحاث متخصصه في مجالات القانون والاقتصاد والتجارة وعلم النفس وعلم الاجتماع .

- الثاني : ان تسعي الدولة الي عقد اتفاقيه دولية بغرض تحقيق اكبر قدر من التعاون الدولي في مجال احكام الرقابة والملاحقة في حالات الاشهار التجاري الضار .
· تفعيل آليات الضبط والرقابة في مجال الاشهار التجاري سواء علي الصعيد الحكومي او من خلال اشراك منظمات المجتمع المدني كشريك هام في مجال الرقابة وحماية المستهلك .

هذا وبالله التوفيق

الهوامش

[1] - التعريف الذي اعتمته الجمعية الامريكية للتسوق ورد بمؤلف " عالم الإشهار" ، محمود سعيد القاض ، دار الدرب الأحمر للطبع، القاهرة 1995 ، ص. 120
[2] - علم الإعلام والاتصال بالناس، محمود عبد الرؤوف كامل، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة،1995 ص 53.
[3] - وسائل وأساليب الاتصال ف المجالات الاجتماعية والتربوية ، زيدان عبد الباقي مكتبة ، النهضة المصرية ، القاهرة، 1979 ، ص. 62
[4] - القانون 66 لسنه 1956م بشأن تنظيم الاعلانات .
[5] - المادة ( 1) من القانون 66 لسنه 1956
[6] - هذا بالرغم من ان القانون المصري وضع معايير تنسيق عناصر الطريق يحدد شكل الإعلان ومكانه بحيث لا يكون مصدر تشتيت لسائقي السيارات أو يتعارض مع العناصر الأخري بحرم الطريق وبخاصة المرتبطة بالأمن والسلامة.
[7] - حيث ان تلك الاعلانات تتعامل مع المرضي الذين يعانون أمراضا مزمنة بطريقة أشبه بـ"الوصفة السحرية" مثل شاي التخسيس أو علاج العقم وآلام الظهر ومرض السكر حتي أصبحت القنوات الفضائية من خلال الاعلانات ساحة للنصب واستنزاف أموال الناس فهي تعمل عكس الاتجاه المنطقي للإضرار بصحة الناس وقد أصدرت وزارة الصحة مؤخرا قائمة بأنواع معينة من الأدوية حتي يتم الحد من الاعلان عنها وبالتالي امتنعت القنوات الأرضية ولكن لم تمتنع حتي الآن القنوات الفضائية.
[8] - فمثل هذه الاعلانات كثيرا ما تظهر علي القنوات العامة والتي يتم الاعلان عنها من خلال مسلسلات الدراما فتكون النتيجة أن هذه الألفاظ تدخل في القاموس اللغوي للصغار والكبار وقد حذرت الدراسات العلمية من تأثير لغة الاعلانات علي الأطفال ولكن للأسف الشديد يتم هذا وراء الرغبة في تحقيق الربح فلا تحترم هذه الاعلانات أي قيم أو أي معايير اجتماعية.
[9] - جهاز حماية المستهلك هو احد التنظيمات الادارية التي استحدثها المشرع المصري بغرض ان يتولى حماية المستهلك من يها ، ولقد اوردت بحثا مستقلا عنه بعنوان " نحو تحقيق حماية مستدامه للمستهلك " وساكتفي بالاشارة اليه منعا للاطاالممارسات الضارة التي قد يتعرض

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-